کد مطلب:280451 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:181

الظلم و الجور
الظلم هو: وضع الشئ فی غیر موضعه، وقال فی لسان العرب.

ومن أمثال العرب فی الشبه: من استرعی الذئب فقد ظلم، وأصل الظلم الجور ومجاوزة الحد، ومنه حدیث الوضوء فمن زاد أو نقص. فقد أساء وظلم: أی أساء الأدب بتركه السنة والتأدب بأدب الشرع، وظلم نفسه بما نقصها من الثواب من ترداد المرات فی الوضوء، وفی التنزیل (الذین آمنوا ولم یلبسوا إیمانهم بظلم لهم الأمن) [1] قال ابن عباس: أی لم یخلطوا إیمانهم بشرك، والظلم: المیل عن القصد. والعرب تقول.

إلزم هذا الصوب ولا تظلم عنه. أی لا تجر عنه، وقوله تعالی: (إن الشرك لظلم عظیم) [2] یعنی أن الله تعالی هو المحی الممیت. الرازق المنعم وحده لا شریك له. فإذا أشرك به غیره. فذلك أعظم الظلم.

لأنه جعل النعمة لغیر ربها. [3] .



[ صفحه 346]



وبینت الدعوة الخاتمة أن الافتراء علی الله كذبا. والتكذیب بآیاته أو الإعراض عنها. والصد عن سبیله سبحانه. من أعظم الظلم. لأن الظلم یعظم بعظمة من یتعلق به، وإذا اختص بجنب الله كان أشد الظلم. وأخبر سبحانه فی كتابه. بأنه أهلك القرون الأولی لما ظلموا، ووعد سبحانه رسله بهلاك الظالمین. قال تعالی: (فأوحی إلیهم لنهلكن الظالمین ولنسكننكم الأرض من بعدهم). [4] .

وبالنظر إلی المسیرة البشریة، تجد أن الظلم فی نهایة المطاف، تدثر بأكثر من دثار من حریر وزخرف، وأصبح له عقائد وثقافات وقوانین، یشرف علیها حكومات وهیئات وجمعیات، والخارج عن هذه العقائد والقوانین هو فی نظر هذه الدول والمؤسسات، خارج عن الحق، یستحق التأدیب بواسطة الأساطیل أو السجون. أو بالتجویع تارة وبالتخویف تارة أخری.

وبالنظر إلی مسیرة الشعوب فی عصرنا هذا. نجد للوثنیة أعلاما، وهذه الوثنیة استترت وراء التقدم العلمی والاختراعات الحدیثة، وقد یكون التقدم مفیدا فی عالم المادة، ولكن إذا كان للدنیا عمل. فلا بد أن یستقیم هذا العمل مع الزاد الفطری، ولقد ذم القرآن الكریم الذین لا یذعنون بیوم الحساب ویعملون للدنیا بسلوكهم الطریق الذی یغذی التمتع بالدنیا المادیة فحسب، قال تعالی: (ألا لعنة الله علی الظالمین الذین یصدون عن سبیل الله ویبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون). [5] .

فالآیة فسرت من هم الظالمین، وبینت أنهم الذین یصدون عن الدین الحق ولا یتبعون ملة الفطرة. وبالآخرة هم كافرون وهذه الوثنیة لها جماعاتها ومؤسساتها وبنوكها التی تمول مخططاتها.



[ صفحه 347]



وبالنظر إلی مسیرة بنی إسرائیل. نجد أنها أنتجت فی عصرنا الحاضر عنكبوتا ضخما تختفی وراء خیوطه العدید من مؤسسات الظلم والجور، التی تعمل علی امتداد التاریخ من أجل تغذیة الأمل. الذی حلم به بنو إسرائیل لیلا طویلا، وهو مملكة داوود وعاء العهد الإبراهیمی، وراء هذه الخیوط تختفی جمعیات مسیحیة تعمل من أجل ذات الهدف. نظرا لأن المسیحیة الحاضرة خرجت من تحت عباءة بولس. الذی ادعی أنه أوحی إلیه وهو لم یر المسیح ولم یكن من تلامیذه. ولقد وضعه القرآن وأمثاله تحت سقف الظلم. فی قوله تعالی: (ومن أظلم ممن افتری علی الله كذبا أو قال أوحی إلی ولم یوح إلیه شئ. ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله). [6] وهذه الجمعیات التی تعمل ظاهرة أو من وراء ستار. لها مؤسساتها وبنوكها وأساطیلها التی تمول وتحمی مخططاتها وأهدافها.

وبالنظر إلی المسیرة الخاتمة. نجد أن الظالمین فیها قد أخذوا بذیول الذین من قبلهم واتبعوهم شبرا بشبر، وذراع بذراع، ومن إتبع أحد یصل معه إلی حیث یصل، وما الله بظلام للعبید.

وفیما یلی نلقی ضوءا علی جذور وفروع بعض الحركات التی علیها بصمة الظلم والجور. لتظهر جذورها الفكریة والعقائدیة. ومواقع انتشارها ونفوذها. ویری الحاضر كیف یتقدم الظلم إلی الخلف من أجل تنفیذ أهداف ما أنزل الله بها من سلطان.


[1] سورة الأنعام آية 82.

[2] سورة لقمان آية 13.

[3] لسان العرب مادة ظلم ص 2757.

[4] سورة إبراهيم آية 13.

[5] سورة هود آية 19.

[6] سورة الأنعام آية 93.